مراسلو الجزيرة نت
الكويت- انتهت انتخابات مجلس الأمة الكويتي 2023، بعد يوم طويل شهدت فيه اللجان الانتخابية حضورا جيدا، إذ استمرت عملية الاقتراع مدة 12 ساعة، بدءا من الثامنة من صباح أمس الثلاثاء وحتى الثامنة مساءً في خمس دوائر انتخابية، وفق نظام الصوت الانتخابي الواحد، وذلك لاختيار 50 عضوا لمجلس الأمة في فصله التشريعي السابع عشر، من بين 207 مرشحين.
ولم تعلَن النتائج الرسمية حتى ساعات الصباح الأولى من اليوم الأربعاء، بعد تنافس شديد خصوصا في الدائرة الرابعة.
وشهدت نتائج “أمة 2023” فوز 10 مرشحين جدد بعضوية مجلس الأمة، وعودة بعض الأعضاء ممن سبق لهم الفوز بعضوية المجلس في دورات سابقة، مع فقدان المرأة الكويتية أحد المقعدين في المجلس السابق، إذ حافظت النائبة جنان بوشهري على حضورها، بينما لم يحالف الحظ زميلتها عالية الخالد.
صراع الأقطاب
وأكد بندر الخيران رئيس اللجنة المركزية في “المنبر الديمقراطي” -وهو تنظيم سياسي ديمقراطي تقدمي- أن نسبة التغيير في الانتخابات لم تكن كبيرة، ولا تتجاوز 20% في معظم الدوائر الانتخابية، وشهدت عودة معظم النواب السابقين.
ويلاحظ الخيران وجود فريقين متصادمين منذ مجلس 2020 بقيادة رئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم والأعضاء المحسوبين على ما يُسمى كتلة المعارضة، وتكرر المشهد في مجلس 2022 بأدوات أخرى، مرجعا ذلك إلى وجود حالة من الاختلال السياسي في البلاد وصراع للأقطاب أثرت على المشهد الانتخابي.
وأشار الخيران -في حديثه للجزيرة نت- إلى تراجع في نسبة التصويت من 65% في الانتخابات الماضية إلى 56% في الانتخابات الحالية، مضيفا أن الاختيار ما زال على أساس اجتماعي لا سياسي، ولذلك كانت نسبة التغيير متواضعة، بحسب وصفه.
وتابع “طغى على المشهد الانتخابي الخصومة والصراعات، وهذا لا يبشر بمستقبل سياسي مستقر، وأتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة صدامات داخل المجلس، وسنسعى كتيارات وقوى سياسية إلى تقريب وجهات النظر، رغم وجود حالة من التشاؤم لدى شريحة كبيرة بأن هذا المجلس لن يستمر طويلا”.
وقال المتحدث “مع ملاحظة دخول بعض النواب الجدد بالدوائر المختلفة ممن تبنوا مشاريع إصلاحية مستحقة، نتمنى أن تشكل كتلة وطنية ديمقراطية معنية بحماية الدستور، وتسهيل آلية التعاون بين النواب، وإلزامهم بالعمل المشترك، ليتحقق الإنجاز المستحق بالإصلاح السياسي الواجب تنفيذه وتوفيره”.
رسالة قوية للمجلس
من جانبها، تؤكد رئيسة معهد المرأة للتنمية والسلام المحامية كوثر الجوعان، على وجود حالة كبيرة من الوعي تمتع بها الناخب الكويتي في هذه الانتخابات، انطلاقا من ضرورة التغيير الإيجابي ليكون المجلس التشريعي قادرا على تحقيق طموحات وتطلعات الشعب الكويتي، إضافة إلى رسالة قوية لأعضاء المجلس الجديد، بأن الرأي الشعبي له تأثير كبير في تصحيح مسار العملية النيابية ومن ثم الديمقراطية.
وقالت المحامية -للجزيرة نت- إنه “رغم تراجع نسبة الاقتراع في انتخابات مجلس الأمة 2023، إذا ما قورنت بانتخابات المجالس السابقة، فإن هذه النسبة استطاعت أن تبرز وجوها جديدة في مراكز متقدمة، وتراجع عدد كبير من نواب سابقين ومخضرمين إلى مراكز متأخرة في بعض الدوائر الانتخابية، مع ملاحظة نجاح التيار السلفي بزيادة أعضائه في المجلس المقبل”.
وفيما يتعلق بالتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في المجلس الجديد، ترى كوثر الجوعان أن السيناريو السابق من الخلاف والنزاع سيتكرر، وستظهر قوى معارضة جديدة، في الوقت الذي يعول فيه المواطنون على كفاءة أعضاء الحكومة المقبلة في مواجهة مجلس يبدو فيه الصراع قادما، ما لم تحصّن الحكومة نفسها بتعيين وزراء لديهم كفاءة كبيرة، ووضع برنامج حكومي محكم يستطيعون تنفيذه.
تنفيذ الوعود
بدوره، يرى المحلل السياسي حسين جمال أن مفرزات نتائج انتخابات مجلس الأمة تشير إلى فوز كتلة المعارضة بالأغلبية، وهذا قد يكون بداية لتوافقات بين المعارضة والحكومة، إذ لا توجد حجة أمام الطرفين لحل الملفات الرئيسية مثل الفساد المالي والإداري والإصلاح السياسي.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال جمال إن الناخبين سمعوا الكثير من الوعود من المرشحين الذين عليهم الالتزام بما وعدوا به من إصلاحات، وإلا فإن القادم سيغير المشهد ما لم تبدأ عملية الإصلاح ومحاربة الفساد.
وأضاف أن هناك مطالبات محقة مثل إقرار قانون لإنشاء المفوضية العليا للانتخابات كي تكون رقيبة على العملية الانتخابية، وإلغاء قانون جرائم المرئي والمسموع، وقوانين الجرائم الإلكترونية، وإقرار القوانين الخاصة بالشباب والمبدعين بشكل حقيقي، إضافة إلى وقف التعيينات القائمة على العلاقات الشخصية والولاءات الاجتماعية والسياسية.
ويعتقد المحلل السياسي أن الناخبين مستاؤون من الوضع السابق، وهناك دعم واضح بالتصويت للنواب الشباب في كثير من الدوائر الانتخابية، “فهم يطمحون للانتقال بالبلد من مرحلة الجمود السياسي والاقتصادي نحو التنمية والتطوير، مقارنة بما يحدث بدول منطقة الخليج العربي”، بحسب تعبيره.
أما عن كتلة الأغلبية في المجلس المقبل، فيرى جمال أنه رغم حيازة التيار الإسلامي مقاعد جيدة في الانتخابات، فإنه لا يشكل الأغلبية، ويبدو أن الناس بدأت تبتعد عن التصويت على أسس طائفية وفئوية وقبلية وعائلية، نحو التصويت المبني على خطاب المرشحين السياسي.