قال اللواء فايز الدويري الخبير العسكري والإستراتيجي إن تحذير وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت من التحديات التي سيواجهها الاحتلال في حال اندلاع حرب متعددة الجبهات يعكس إقرارا لدى تل أبيب بتآكل مفهوم نظرية الردع التاريخية التي كانت تعتمدها في السابق.
وأضاف الدويري في حديثه لحلقة برنامج “ما وراء الخبر” (2023/6/5) أن هذه النظرية وما يتعلق بها من حديث عن أن جيش الاحتلال الإسرائيلي لا يقهر ولديه القدرة على هزيمة كل دول الطوق باتت محل شك حتى لدى القيادة الإسرائيلية، وبحاجة إلى اختبار.
يأتي ذلك على خلفية تصريح غالانت خلال جولة ميدانية ضمن تدريبات عسكرية سنوية تحاكي حربا متعددة الجبهات بأن الجبهة الداخلية ستواجه تحديات لم تعهدها إسرائيل من قبل في حال اندلاع حرب متعددة الجبهات، مشددا على ضرورة الاستعداد لها بأفضل ما يمكن.
وتساءل البرنامج عن جاهزية الجبهة الداخلية الإسرائيلية لمثل هذه السيناريوهات الميدانية، وما ترتبط به من مناخ سياسي في ضوء ما استقر عليه المشهد السياسي في البلاد من توازنات وصراعات، وما أثاره هجوم العوجة على الحدود المصرية من تفاعلات.
3 سيناريوهات
وأوضح الدويري أن الاحتلال يتحسب لـ3 سيناريوهات في مجملها مرعبة، ولكن درجة السوء متباينة وأسوؤها أن تكون الحرب مع إيران بدعم أذرع المقاومة الداعمة لها في الشمال والجنوب.
أما السيناريو الثاني -وهو أقل سوءا- فأن تنحصر المواجهة مع الجبهة الشمالية ضد حزب الله، فيما يتمثل السيناريو الثالث -وهو الأقل سوءا- في أن تكون المواجهة مع الجبهة الجنوبية ضد المقاومة في غزة، وهي التي تكررت خلال السنوات الماضية أكثر من مرة.
ولفت الدويري إلى أنه في حال اندلعت المواجهة بالسيناريو الأول فإن جغرافيا فلسطين المحتلة جميعها ستكون مغطاة ناريا بصواريخ المقاومة من الشمال والجنوب، وهو ما يعني أن 7 ملايين إسرائيلي سيكونون رهن الملاجئ، فيما ستشل الحياة الاقتصادية وينقطع التواصل مع العالم.
لكنه شدد في الوقت ذاته على أن إسرائيل وإيران وكذلك حزب الله وقوى المقاومة الفلسطينية جميعها لا تريد التصعيد الشامل، لكن كلا منها تتحدث عن حرصه على كسب الجولة القادمة في حال اندلعت الحرب، و”الكل في مرحلة ترقب واستعداد”.
وبشأن أثر عملية العوجة وما قام به المجند المصري على الحدود، يرى الدويري أن الهاجس الأكبر لدى إسرائيل الآن هو أن يكون ذلك إظهارا لسليمان خاطر ثانٍ، وهو ما يتطلب منها اتخاذ إجراءات أمنية أكبر مما هي عليه، وأن تتعهد مصر بألا يدخل شخص إلى سيناء دون تدقيق أمني شامل.
أول مرة
بدروه، قال إيهاب جبارين المحلل السياسي والباحث المختص في الشؤون الإسرائيلية إن هذه المرة الأولى منذ نصف قرن التي ترى فيها إسرائيل نفسها أمام تحدٍ متعدد الجبهات، في ظل سياسة إسرائيلية قديمة تعمل على عزل القضية الفلسطينية وإبراز التهديد الإيراني الوجودي لإسرائيل كنوع من البارانويا.
ولفت جبارين إلى أن سياسة رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو تحث على استغلال هذه القضية للسيطرة على الخلافات الداخلية، وعلى مدار الأعوام الماضية حاول إدارة هذا الصراع من خلال المنطقة الرمادية عبر إعطاء الموساد أجهزة أخرى مسؤولية إدارة الصراع مع إيران في المساحات المختلفة.
من جانبه، قال مراسل الشؤون الدبلوماسية في هيئة البث الإسرائيلية أميخاي شتاين إن تصريحات مسؤولين إسرائيليين تعكس تنامي شعور في تل أبيب بأن الأوضاع وصلت نقطة ربما تؤدي إلى الدخول في حرب على كل الحدود وأن الأمور تسير في هذا الاتجاه، مما يتطلب الاستعداد له.
وأضاف شتاين أن أي خطأ يرتكبه شخص ما قد يؤدي إلى تلك الحرب، ومن ثم يتوقع أن تشهد المنطقة مزيدا من العمليات الإسرائيلية ضد مواقع وجهات ربما ترتكب تلك الأخطاء، على حد تعبيره.
وأقر شتاين بأنه على المستوى الداخلي فإن الانقسام المستمر بشأن الإصلاحات القضائية التي تسعى حكومة نتنياهو إلى إقرارها لا يزال مصدر قلق لدى القيادات العسكرية التي تؤكد على ضرورة وحدة الصف تحسبا لأي مواجهة، لكنه أكد أن المواجهة في حال اندلاعها ستكون سببا لوحدة الصف الإسرائيلي كما في التجارب السابقة.