مراسلو الجزيرة نت
الكويت – مع التطور الهائل لوسائل الدعاية السياسية والترويج الانتخابي، بات لوسائل الإعلام الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي دور كبير في التسويق لمرشحي مجلس الأمة الكويتي 2023 المقررة في السادس من يونيو/حزيران المقبل، مما دفع بعض المرشحين إلى الاستغناء عن فكرة افتتاح المقار الانتخابية الفعلية.
ورغم ما توفره وسائل الإعلام الحديثة ومواقع التواصل للمرشحين والقائمين على حملاتهم الانتخابية من إمكانية الوصول الأسهل للناخبين للتسويق لحملاتهم، فإن طبيعة المجتمع وتأثير الحاضنة الاجتماعية على الناخبين يؤديان إلى تقليص هذا الدور بعض الشيء.
وترى أستاذة علم الاتصال والإعلام الرقمي في جامعة الكويت بشاير الصانع أن حملات الإعلام التسويقي للمرشحين تعمل على محاولة تشكيل الرأي العام، وإقناع الناخبين بمواقف سياسية معينة من خلال حملة دعائية (بروباغاندا) خاصة بكل مرشح، ويمكن للحملة التي يتم تنفيذها بذكاء أن تسهم في تغيير آراء الناخبين وقناعاتهم، كما تشجع هذه الحملات الناخبين على حضور التجمعات الانتخابية والذهاب إلى مقار التصويت.
وتشير نشاير، في حديث للجزيرة نت، إلى أن مواقع التواصل تلعب دورا كبيرا في الدعاية الانتخابية لكونها تسمح بالوصول السهل والسريع إلى المعلومات، إذ يمكن للناخبين متابعة حسابات المرشحين والاطلاع على تاريخ وتحديثات المواقف السياسية المختلفة، وكذلك تتيح للناخبين فرصة التفاعل المباشر مع المرشحين وأعضاء الحملات الإعلامية.
فعالية كبيرة
وأضافت بشاير أنه يمكن للحملات الانتخابية نشر الأخبار والإعلانات والمواقف السياسية بشكل فوري ومباشر عبر منصات التواصل، كما يمكنها جمع البيانات حول اتجاهات الناخبين وتفضيلاتهم، وهذا يساعد الحملات على توزيع رسائلها بشكل موجه وأكثر فعالية.
وتؤكد أن لمنصات التواصل تأثيرا على توجهات الناخبين ومسار الانتخابات بشكل كبير وواضح، لكن من الصعب وضع نسبة محددة لهذا التأثير كونه يعتمد على عدة عوامل مثل طبيعة البيئة السياسية وذكاء المرشحين وكيفية استخدام الحملات الإعلام الاجتماعي.
ولفتت إلى أن تأثير مواقع التواصل لا يقتصر على كونه تأثيرا إيجابيا فحسب، حيث يمكن للمعلومات الخاطئة والأخبار الزائفة أن تنتشر بسرعة على منصات التواصل، مما يسبب اللبس ويسيء للسمعة، وبالتالي يؤثر سلبا على الانتخابات.
التأثير على الرأي العام
من جانبه، يرى أستاذ الإعلام في الجامعة الأميركية بالكويت محمد أكبر أن حملات الدعاية السياسية عمرها قصير، والشعارات تكون فيها متقلبة، ولذلك يكون تأثيرها على الناخب ضئيلا، فتغيير الرأي العام ليس بالأمر السهل “لأننا هنا لا نسوق لمنتج تجاري نريد بيعه، إنما لفكر ورأي للتأثير على رأي الناخب، فتغيير الرأي العام للتصويت لناخب بعينه لن يكون عملية سهلة”.
ويعتقد أكبر -في حديث للجزيرة نت- أن وسائل الإعلام ووسائل التواصل أصبحت كثيرة، ولها دور كبير في العملية الانتخابية، لأن المرشح يستخدمها بدرجة كبيرة في الدعاية الانتخابية، ولها تأثير على الناخبين لأن أفراد المجتمع أصبح لديهم إدمان على متابعة وسائل التواصل.
وأشار إلى أن وجود المرشح في هذه الوسائل يمنح الناخب مجالا للتقييم عندما يطلع على برامج المرشحين ويفاضل بينها، والمرشحون يسوقون من خلال هذه الوسائل لإظهار إنجازاتهم السابقة، “وهنا يمكن للناخب استغلال هذه الأساليب الحديثة لتقييم المرشحين”.
ولفت إلى أن حروب الدعاية لها دور كبير في التأثير على الناخبين، وهناك من ينشر ضد مرشح معين وهذا قد يؤثر على الناخب، لكن تبقى عملية تغيير الرأي العام تحتاج لشروط ضرورية مثل وجود علاقة بين المرشح والناخب، إذ يجب أن يكون للمرشحين مقرات خاصة بهم للتحدث إلى الناخبين بشكل مباشر حتى يثبتوا لهم أنهم يملكون أشياء غير موجودة عند غيرهم.
طبيعة المجتمع
وفي المقابل، استبعد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت عبد الله الغانم وجود تأثير كبير لوسائل التواصل في انتخابات مجلس الأمة وفقا لطبيعة المجتمع الكويتي والتيارات السياسية الموجودة فيه.
ويضيف الغانم، في حديث للجزيرة نت، أن الوسائل الحديثة مفيدة إذا لم يحسم الناخب رأيه حول مرشحه في الانتخابات، عندها قد يتأثر بالدعايات بطريقة أو أخرى بحسب كثافتها سواء في وسائل التواصل أو عن طريق الإنترنت أو وسائل الإعلام الأخرى، أما الشخص الذي حسم موقفه من قبل فلن يتأثر، وهم كثر خصوصا من ينتمون إلى تيار معين.
ويشير الغانم إلى أن الأمر قد يرتبط أيضا بطبيعة الجنس، هل هو رجل أو امرأة، فالمرأة في مجتمعنا -غالبا- تتبع توصية الرجل في كثير من آرائها الانتخابية، سواء كان زوجها أو أباها أو أخاها، وهؤلاء لن يعرن اهتماما كبيرا للحملات والدعايات الانتخابية بقدر اهتمامهن برأي الرجل أو توجيهه بهذا المرشح أو ذاك، معربا عن اعتقاده بأن “المرأة أقل تأثرا بالدعايات الانتخابية من الرجل”.
أما عن نسبة تأثير حملات المرشحين التسويقية ودور مواقع التواصل على التوجهات، فيعتقد الغانم أنه “من الصعب تحديد ذلك لأنه يحتاج إلى إحصائيات دقيقة حتى لو تم إجراء استبيان، لأنه قد لا يكون دقيقا لأن قوة الدعاية تختلف من يوم إلى آخر.. وحتى لو تأثر شخص بمرشح معين بسبب حملته الدعائية، فقد يغير رأيه قبل موعد الانتخابات نتيجة تأثير أشخاص آخرين عليه”.