أقر خبراء ومحللون وعسكريون في حديثهم لبرنامج “ما وراء الخبر” بأن تفجير سد نوفا كاخوفكا جنوبي أوكرانيا ستكون له تداعيات بغض النظر عن الجهة المسؤولة عن تنفيذه، وتوقعوا أن يؤثر ذلك على مجريات الحرب، وعلى استعداد كييف لهجومها المضاد الذي كثر الحديث عنه في الآونة الأخيرة.
ومن وجهة النظر الروسية، استبعد الخبير في الشؤون العسكرية والدولية، أليكسندر أرتامونوف تورط روسيا في تفجير سد نوفا كاخوفكا في منطقة خيرسون جنوبي أوكرانيا، بحجة أن لا مصلحة لها في ذلك خاصة وأن السد يقع تحت سيطرتها، متهما أوكرانيا بقصف السد مرات عدة وبصواريخ “هيمارس” التي قال إنه لا يمكن الخلط بينها وبين الصواريخ الروسية.
وتبادلت روسيا وأوكرانيا الاتهامات بالمسؤولية عن تفجير سد نوفا كاخوفكا الواقع بخيرسون جنوبي أوكرانيا. وفيما أكدت موسكو أن الجيش الأوكراني قصف السد متسببا كذلك في تدمير محطة مجاورة لتوليد الطاقة الكهرومائية، بهدف حرمان شبه جزيرة القرم من المياه، ردت كييف بأن الروس فجروا السدّ لتعطيل هجومهم المضاد المخطط له.
وقال الضيف الروسي في حديثه لحلقة (2023/6/6) من برنامج “ما وراء الخبر” إن سد نوفا كاخوفكا لم يدمر بل تشكلت فتحة بداخله، وإن المياه التي تسيل جراء ذلك يمكن أن تغرق الجانبين الأوكراني والروسي، في إشارة منه إلى القوات الروسية في المدينة التي تسيطر عليها موسكو.
وسقطت مدينة نوفا كاخوفكا بيد القوات الروسية في الساعات الأولى من هجومها على أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، وتضم سد كاخوفكا الكهرومائي. ويقع السد على نهر دنيبرو الذي يوفر المياه لتبريد محطة زاباروجيا النووية التي تحتلها القوات الروسية وتعد الأكبر في أوروبا.
وبشأن تأثير قصف السد على الهجوم الأوكراني المضاد، كشف أرتامونوف أن هذا الهجوم قد بدأ بالفعل، ولكن دون نجاح، متحدثا عن خسارة القوات الأوكرانية لـ1500 من عناصرها و30 دبابة، بالإضافة إلى أن كييف لا تملك ذخيرة ولا طائرات ولا دبابات حقيقية لاستخدامها في هجومها المضاد.
الهجوم المضاد
وفي المقابل، نفى أوليكسي ميلنيك، مساعد وزير الدفاع الأوكراني السابق أن تكون أوكرانيا قد بدأت الهجوم المضاد، وقال إنها من تحدد المناطق التي تستهدفها الضربات الأساسية، وسوف تظهر قدراتها في هذا المجال، مستشهدا بتقدم قواتها العام الماضي في خيرسون وخاركيف بشمال شرق أوكرانيا على حساب القوات الروسية.
وأقر بأن تفجير سد نوفا كاخوفكا الذي وصفه بالكارثة غير المسبوقة، يسبب مشكلة كبيرة لأوكرانيا وسيجعلها مضطرة لتحويل مصادرها لإنقاذ المواطنين، متهما في نفس السياق الجانب الروسي بالمسؤولية عن التفجير بغرض الإضرار بالنظام الأوكراني.
وبشأن فرص خفض التصعيد في ظل الحراك الدولي ودعوة مجلس الأمن الدولي للانعقاد، شدد الضيف الأوكراني على أن بلاده لا ترى أي مخرج في الوقت الحالي سوى الاستمرار في المعارك وهزيمة روسيا في أغلب جبهات القتال وتحرير شبه جزيرة القرم والوصول إلى بحر آزوف.
أما الخبير الروسي، فيعتقد أن كل الأوراق اختلطت على العسكريين الأوكرانيين.
وفي قراءة عسكرية للتصعيد الجاري بين كييف وموسكو، رجح الخبير العسكري والإستراتيجي، اللواء فايز الدويري أن يكون الجانب الروسي هو المسؤول عن تفجير سد نوفا كاخوفكا، بالنظر إلى الاستفادة والقدرة، وبالنظر أيضا إلى أن كافة القراءات والتحليلات تشير إلى أن منطقة خيرسون ستكون أحد اتجاهات الهجوم الأوكراني المضاد، وبالتالي فإن تغريق الأرض بالمياه سيشكل عائقا أمام القوات الأوكرانية.
ورأى الدويري أن الأمور قد ازدادت تعقيدا على الجانب الأوكراني، وهو ما سيضطر أوكرانيا في ضوء التطورات الجديدة إلى إعادة تقييم الوضع وتغيير الأطر العامة لخطة الهجوم المضاد الذي كثر الحديث عنه منذ فترة.
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قال السبت الماضي إن كييف مستعدة للعملية المضادة، لكنه رفض الإدلاء بأي توقعات. وأضاف لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية “بصراحة، يمكن أن يمضي الأمر في مسارات مختلفة ومتنوعة. لكننا سنقدم عليه ونحن مستعدون له”.