مراسلو الجزيرة نت
نابلس- في الحدث الذي خيَّم فيه الصمت وسادت حالة من التكتم الشديد على مصير منفذ عملية العوجة المجند المصري محمد صلاح، لم يخف الفلسطينيون أو يضبطوا مشاعرهم المباركة والمؤيدة للعملية منذ الإعلان عنها.
وتصاعدت حالة التضامن بعد إعلان إسرائيل صراحة اسم الشهيد المصري وتسليمها جثمانه بعد احتجازه لأيام، حيث استشهد محمد صلاح (22 عاما) السبت الماضي، بعد عملية قُتل فيها 3 جنود إسرائيليين عند نقطة حراسة على الحدود المصرية الفلسطينية.
ومنذ اللحظات الأولى، بادر الفلسطينيون لتنظيم فعاليات تضامنية مع الشهيد وعائلته، تمثلت في فتح بيوت عزاء بمدن مختلفة من الضفة الغربية، فضلا عن عبارات “الانتصار والفخر” التي ضجت بها مواقع التواصل الاجتماعي.
المقاوم يمثل فلسطين
وعلى وقع الأغاني المصرية، ولا سيما أغنية “العبور” (عبور الجيش المصري قناة السويس عام 1973)، وعبر كلماتها “بسم الله والله أكبر.. بسم الله أذن وكبر”، أقامت المناطق التنظيمية في محافظة نابلس شمال الضفة الغربية أمس الثلاثاء “بيت تهنئة” لاستقبال المهنئين باستشهاد “البطل” محمد صلاح، على حد وصف مازن الدنبك الناطق باسمها.
ويقول الدنبك للجزيرة نت إنهم يقفون لجانب الشهيد صلاح وعمله البطولي، وإن كل من يقاوم الاحتلال في الداخل والخارج يمثل الشعب الفلسطيني وهو جزء منه، مضيفا “لم يبق أمام الفلسطينيين سوى المقاومة وخاصة المسلحة ضد الاحتلال”.
أما عضو لجنة التنسيق الفصائلي بنابلس نصر أبو جيش، فاعتبر أن “بيت التهنئة” ليس تضامنا بل هو واجب “لشهيد فلسطين محمد صلاح”.
وقال أبو جيش للجزيرة نت إن القيام بعمل بطولي كهذا، يؤكد أن القضية الفلسطينية حية في الشعوب العربية، وأن الدم الفلسطيني اختلط منذ زمن بدم الشهيد المصري والعراقي والأردني والسوري وغيرهم، من أجل فلسطين.
التضامن في نابلس سبق به قبل ساعات مخيم جنين، حيث توجه عشرات المواطنين نحو بيت التهنئة الذي أقيم في مركز الشباب الاجتماعي بالمخيم، وتضمن صورا وملصقات للشهيد محمد صلاح، وقد عُلق العلم الفلسطيني إلى جانب المصري، في وقت نظم به العشرات في مدينة رام الله وقفة تضامنية مساء أمس الثلاثاء، وحملوا صور الشهيد صلاح وهتفوا له.
قضية حيّة
يقول مراد طوالبة، وهو من المنظمين لفعالية مخيم جنين، للجزيرة نت، إن ما فعلوه “أقل واجب” لمن قدم روحه فداء للوطن ولقضية فلسطين، مضيفا أن بيت التهنئة الذي أقيم في مخيم جنين إنما هو للرد على “الظروف التي حالت دون أن يفتح ذووه بيت تهنئة له، وأن يقتصر الدفن على عدد محدود من أسرته، ورفضا للتضييق الذي تمارسه إسرائيل على أهالي الشهداء والاستشهاديين أمثاله”.
ويعكس ذلك -وفق طوالبة- الوحدة بين الشعوب العربية، وأن القضية الفلسطينية لا تزال حية وحاضرة في أذهانها وضمائرها، “وأن كل ما يسمع من تطبيع مع الاحتلال، ليس إلا إعلاميا وبين الأنظمة والحكام، أما الشعوب فلا تزال بوصلتها نحو تحرير فلسطين وقضيتها التي لا تزال محور الصراع في الشرق الأوسط”.
ولم يتمكن القائمون على فعالية جنين -رغم محاولاتهم- من الوصول بشكل أو بآخر إلى عائلة الشهيد صلاح لمواساتها والتضامن معها، لكنهم أكدوا أن رسالتهم وصلت عبر بيت التهنئة وما نشروه إعلاميا.
وبشأن هذا التفاعل الفلسطيني مع عملية العوجة، يقول طوالبة إنها “شفت صدور الشعب الفلسطيني وكثيرا من أمهات الشهداء الثكالى، ولا سيما أنها جاءت في وقت بدأ فيه اليأس والوهن يلج قلوب الكثيرين”.
وأضاف أن محمد صلاح جاء ليؤكد أن الشعوب العربية والإسلامية ما زالت مع فلسطين شعبا وقضية، وأن “ما ينقص هذه الشعوب ليس إلا إمكانية الاحتكاك المباشر مع الاحتلال، وأن الجهاد أمنية كل مواطن عربي ومسلم”.
فخر العرب
وتزامنت الأنشطة المؤازرة للشهيد المصري مع حالة انتفاضة فلسطينية عبر مواقع التواصل تمجد الشهيد ودوره، وتأتي على ذكر مناقبه ومناقب المقاومين من الجيش المصري ونظرائهم العرب على مدى التاريخ، وسط تفعيل كبير لوسم “فخر العرب الحقيقي”.
وعن قراءته لتضامن الشارع الفلسطيني مع الشهيد، يقول المختص بالشأن الإسرائيلي عصمت منصور إن هناك تفاعلا كبيرا وإعجابا وانبهارا بالعملية، كونها أعادت الهيبة إلى صورة الجندي المصري، ونبّهت إلى أن السلام لم يصل لمستوى الشعوب أو حتى الجنود.
وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف منصور أن “بعض المتابعين والنشطاء عبروا عن العملية وكأنها عبور ثان لقناة السويس، وأن هذه صفعة توجهها مصر لإسرائيل”، فضلا عن مشاعر الاعتزاز والتغني “بابن المحروسة” و”وابن النيل” و”الأسمر”.