طرابلس- رغم تأكيدها الوصول إلى اتفاق نهائي حول قوانين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الليبية، أعلنت لجنة “6+6” التي تضم 6 ممثلين عن مجلسي الدولة والنواب الليبيين إرجاء التوقيع الرسمي على اتفاق بوزنيقة، مع غياب رئيسي مجلسي النواب والدولة عقيلة صالح، وخالد المشري عن المؤتمر الصحفي الختامي.
وقال رئيس لجنة مجلس النواب الليبي جلال الشويهدي في المؤتمر الصحفي الختامي رفقة وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة “إنهم في انتظار حضور رئيسي مجلسي النواب والدولة للبتّ النهائي في هذه القوانين”، نافيا تعرضهم لأي ضغوط من المغرب أو دول أخرى، فيما توصلوا إليه من توافقات حول القوانين.
ومن جانبه، ذكر رئيس لجنة المجلس الأعلى للدولة عمر بوليفة أن القوانين التي جرى الاتفاق عليها تسمح للجميع بالمشاركة في الانتخابات ولا تستثني أحدا، مؤكدا كذلك أنه “جرى التوقيع على التوافقات دون إكراه من أي طرف داخلي أو خارجي، وأنه لم يتبق من القوانين سوى إصدارها رسميا من مجلس النواب”.
شكلية التوقيع وإشكاليته
ويتنافى التأجيل مع ما صرح به عدد من أعضاء المجلسين، حيث قال عضو مجلس الدولة فتح الله السريري للجزيرة نت إن “حضور المشري وعقيلة في المغرب مجرد بروتوكول وفق ترتيبات الدولة المضيفة”، إذ لا حاجة لتوقيعهما وفق التعديل الدستوري الثالث عشر، المادة 15، الفقرة ب “الذي نص على نهائية وإلزامية عمل اللجنة للجميع دون أي تعديل”، مضيفا أن التوقيع عليها من رئيس مجلس النواب وإحالتها للجريدة الرسمية للنشر هو إجراء معلوم.
وفي أول رد فعل عقب تأجيل التوقيع على الاتفاق أعرب رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري في تغريدة له على موقع تويتر عن أمله في خلق المزيد من التفاهم بين أعضاء لجنة 6+6 حول بعض النقاط في لقاءات مقبلة، دون الإشارة إلى أسباب الخلاف، مكتفيا بشكر أعضاء اللجنة على الجهد المبذول للوصول إلى توافقات مهمة.
وقال مصدر من المجلس الأعلى للدولة للجزيرة إن مشاريع القوانين الانتخابية التي اتفقت عليها لجنة “6+6” نهائية وغير قابلة للتعديل، وعلى مجلس النواب إصدارها كما هي.
وأضاف المصدر، أن رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح بعد الانتهاء من توافق اللجنة على القوانين الانتخابية، أبدى رغبة في فتح النقاش بشأن بعض المواد في قانوني الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
وأوضح المصدر أن رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري رفض فتح هذه القوانين مجددا لأي تعديلات، باعتبار أن التعديل الدستوري الثالث عشر نصّ على أن قرارات اللجنة ملزمة ونهائية.
وفي المقابل، قال المستشار الإعلامي لرئاسة مجلس النواب فتحي المريمي إن “ما عطّل عقد المؤتمر والإعلان هو مجرد تعديلات على الصياغة اللفظية والقانونية وليست أمورا جوهرية”، مؤكدا أن دور المشري وصالح هو “مجرد مباركة الاتفاق وليس توقيع أو اعتماد”.
وشدد المريمي على أن اتفاق اللجنة كان نهائيا وملزما، على أن يُشرع فور الانتهاء من الإعلان في تشكيل حكومة جديدة لتنفيذ الانتخابات بالتعاون مع بعثة الأمم المتحدة.
وكانت مصادر من الوفدين المتفاوضين أكدت للجزيرة أن لجنة “6+6” انتهت من وضع القوانين المنظمة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، وأقرت بالإجماع نصوص القوانين الانتخابية بعد أن أدت الخلافات بشأن بعض القضايا الدستورية الأساسية كدور الرئيس والبرلمان، إلى تعطيل العملية السياسية في ليبيا منذ نهاية عام 2021.
نتقدم بجزيل الشكر للمملكة المغربية ملكاً وحكومةً وشعباً على استضافتها لقاءات لجنة 6+6 ونشكر أعضاء اللجنة على الجهد المبذول للوصول لتوافقات هامة، وعلى الرغم بأن التعديل 13 يَعتبر عمل اللجنة نهائي وملزم إلا أننا نأمل زيادة التفاهم حول بعض النقاط من خلال اللجنة نفسها في لقاءات قادمة
— خالد المشري (@KhaledMeshri) June 6, 2023
أبرز النقاط
وبحسب النسخة النهائية للاتفاق التي حصلت عليها الجزيرة نت، فإن أبرز النقاط تدور حول شروط الترشح خاصة لمزدوج الجنسية، وانتخاب مجلس الأمة ورئيس الدولة خلال 240 يوما من تاريخ صدور قوانين الانتخابات، مع الإشارة إلى الاتفاق على إجراء الانتخابات الرئاسية من جولتين بغض النظر عن نسبة كل مترشح ويتأهل للثانية الفائز الأول والثاني بأعلى الأصوات.
على أن يقدم المترشح للجولة الثانية للمفوضية إقرارا كتابيا مصدقا بعدم حمله جنسية دولة أجنبية أو إفادة مصدقة من سفارة الدولة المانحة بتنازله عن الجنسية الثانية، كما يعد المترشح للانتخابات الرئاسية مستقيلا من وظيفته أو منصبه بقوة القانون سواء أكان مدنيا أو عسكريا بعد قبوله الترشح.
وينص الاتفاق أيضا على تحديد موعد الانتخابات بالتوافق بين مجلسي النواب والدولة بالتنسيق مع المفوضية التي ستعلن النتائج النهائية للرئاسية والبرلمانية في موعد واحد، على أن تفصل مفوضية الانتخابات في الاعتراضات على المرشحين خلال 72 ساعة التالية بعد انتهاء وقت تقدم الاعتراضات ويتظلم المستبعدون بعد 48 ساعة.
أطراف رافضة
لكن توافق “لجنة 6+6” على زيادة مقاعد مجلس النواب فجّر خلافات حادة بين كيانات سياسية وبرلمانية ليبية رأت في التعديل الجديد تجاوزا لعمل اللجنة والدستور، معلنة وفق بيانات منفصلة لأعضاء بمجلسي النواب والدولة وحزب العدالة والبناء رفضها مخرجات “لجنة 6+6”.
من بين هؤلاء المعارضين النائب في مجلس النواب جبريل أوحيدة الذي رأى أن توزيع المقاعد بالنسبة لمجلس النواب ومجلس الأمة “كان سيئا جدا ولم يراع المعايير المعتمدة في كل الدول”.
وأضاف أوحيدة في حديث للجزيرة نت أن منح مدينة كبيرة مثل “الكفرة” مقعدا واحدا من أصل 90 مقعدا “ظلم صارخ كان ينذر بفشل الاتفاق منذ البداية”.
واعترض 61 من أعضاء مجلس النواب و54 عضوا من المجلس الأعلى للدولة على الطريقة التي تفاوض بها رئيسا المجلسين على بنود الاتفاق على القوانين الانتخابية، وعلى رأسهم أمينة المحجوب التي قالت للجزيرة نت إن “التعديل على القانون رقم 13 باطل وغير دستوري ولم يتحقق فيه النصاب ولم يراع الاتفاق على آلية تشكيل اللجنة المشتركة”.
والتعديل الـ13 الذي أقره مجلس النواب وصدّق عليه مجلس الدولة، ينص على اختيار كل طرف منهما 6 أعضاء لتمثيله في صياغة قوانين انتخابية تجري عبرها الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المنتظرة.
وأكدت مصادر عسكرية للجزيرة نت أن عددا من القيادات العسكرية عن مدينتي طرابلس، والزاوية أبدوا رفضهم لمخرجات لجنة (6+6) اعتراضا منهم على تشكيل أي حكومة جديدة تمهد لمراحل انتقالية أخرى وتطيل أمد الأزمة، مطالبين في اجتماع لهم بالمبعوث الأممي لدى ليبيا عبد الله باتيلي بطرابلس بضرورة إجراء انتخابات وفق قوانين صحيحة مُتفق عليها من قبل كل الأطراف.
ثقة المجتمع
ويرى مدير مركز بيان للدراسات نزار أكريكش أن مجرد الوصول إلى لجنة تقر قانون للانتخابات دون العودة إلى مجلس النواب، والمجلس الأعلى للدولة، كانت خطوة مهمة على أن تطبق بطريقة صحيحة بالوصول إلى اتفاق لا يرضي فقط الطرفين الأساسيين الأعلى والنواب، بل يعيد ثقة المجتمع وبقية الأطراف كالمجموعات المسلحة.
وشدد أكريكش في حديث للجزيرة نت على أهمية طمأنة الجميع بأن هذه الانتخابات ستمنحهم فرصة للتنافس بشكل حقيقي دون الخروج عن الثوابت الوطنية، لافتا إلى أن “الثغرات التي تخللت العملية منذ التعديل الثالث عشر لم تنجح في إيجاد طرف ثالث محايد لذا سرعان ما عدنا للمربع الأول”.
وأضاف أنه بدلا من السعي لتحقيق الاستقرار لليبيا باتوا يسعون إلى تحقيق ما يرضي المتنافسين على السلطة، مستذكرا الإخفاقات السابقة بسبب الخلافات ذاتها بين القوى السياسية في الصخيرات 2015 أو حتى في جنيف قبل عامين.