أعلنت الرئاسة الناميبية، في بيان رسمي صدر اليوم الأحد، عن رحيل الأب المؤسس وأول رئيس لجمهورية ناميبيا سام نجوما عن عمر ناهز 95 عامًا.
وأضاف البيان أن نجوما، الذي كان يعالج خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، توفي بعد تدهور صحته، مما أثار حالة من الحزن في البلاد.
تاريخ نضالي
وُلد سام نجوما في 12 مايو/أيار 1929 في منطقة أومونغا قرب أوشيكاتي في شمال ناميبيا. نشأ في بيئة ريفية متواضعة، وتأثر منذ صغره بالظروف الاستعمارية الصعبة التي كانت تخضع لها ناميبيا تحت سيطرة جنوب أفريقيا، مما جعله يشهد من كثب مظاهر الظلم والتمييز العنصري.
شكلت هذه التجارب إحساسه المبكر بالعدالة الاجتماعية والحاجة الملحة إلى التحرر الوطني، مما دفعه إلى تبني أفكار الكفاح والمقاومة والسعي إلى تحقيق استقلال بلاده.
دفعته هذه التجربة إلى الانخراط في النشاط السياسي مبكرًا، فكان رمزًا للنضال التحرري في البلاد.
في عام 1960، أسس نجوما منظمة شعب جنوب غرب أفريقيا (سوابو)، التي أصبحت الحركة الرئيسية للمقاومة ضد الحكم الاستعماري ونظام الفصل العنصري.
قاد نجوما حملات دبلوماسية دولية لدعم القضية الناميبية، إضافة إلى قيادة الكفاح المسلح الذي استمر عقودا. عُرف بشجاعته وصلابته، مما أكسبه احترام الحلفاء والخصوم على حد سواء.
أول رئيس لناميبيا المستقلة
بعد نضال طويل، حصلت ناميبيا على استقلالها في 21 مارس/آذار 1990، وانتخب سام نجوما أول رئيس للبلاد، ليبدأ فصلا جديدا من قيادته ناميبيا بعد الاستقلال.
ففي فترة رئاسته التي امتدت حتى عام 2005، ركز نجوما على بناء مؤسسات الدولة وتعزيز الوحدة الوطنية تحت شعار “ناميبيا واحدة، أمة واحدة”.
وقاد جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية، إذ ركز على تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على الموارد الطبيعية بتشجيعه الاستثمار في قطاعات الزراعة والصناعة والسياحة.
كما سعى إلى تحسين مستوى التعليم بتطوير المناهج وتوسيع فرص التعليم العالي، وتعزيز الرعاية الصحية ببناء مرافق طبية جديدة وتوسيع نطاق الخدمات الصحية في المناطق الريفية، إضافة إلى تعزيز حقوق الإنسان والمساواة.
رغم إنجازاته الكبيرة، لم تخلُ مسيرة نجوما من الجدل، حيث واجه انتقادات حادة بسبب مواقفه الصارمة تجاه وسائل الإعلام المعارضة، مما أثار تساؤلات عن حرية التعبير في عهده.
كما عارض الشذوذ علنا، مما أثار جدلاً واسعًا لدى المدافعين عن حقوق الإنسان. وقد مكنه قراره بتعديل الدستور في عام 1998 من ترشحه لولاية رئاسية ثالثة، وأدى إلى انقسام الرأي العام، حيث اعتبر البعض ذلك تقويضًا للمبادئ الديمقراطية، بينما دافع آخرون عنه وعدوه ضرورة لاستقرار القيادة في مرحلة ما بعد الاستقلال.
بعد تقاعده من الحياة السياسية، ظل نجوما شخصية مؤثرة ومرجعًا وطنيًا في الشؤون العامة بفعل خطاباته وكتاباته التي تناولت تاريخ النضال وتحديات بناء الدولة.
وقد وصفته الرئاسة الناميبية في نعيها بأنه “لم يكن فقط رائدًا في طريق الحرية، بل كان أيضًا رمزًا للوحدة الوطنية والكرامة الأفريقية”.
ومن المتوقع أن تُقام مراسم جنازة رسمية لتكريم حياة وإرث سام نجوما، حيث ستشارك فيها شخصيات وطنية ودولية بارزة.
وقد أعلنت الحكومة الحداد الوطني، مع تنظيم فعاليات تكريمية تسلط الضوء على مساهماته الاستثنائية في مسيرة استقلال ناميبيا وبنائها كدولة ديمقراطية حديثة.