ربما تستفيق في منتصف الليل لتشعر بلهاثك السريع وقلبك ينبض بشدة، وعندما تنظر حولك تجد نفسك في سريرك، ولا شيء غريب حولك، ولكنك تشعر بأنك مرهق وبكاء عميق ما زال يؤثر فيك. وعندما تنظر إلى وسادتك، تجدها مبللة. لقد كنت تبكي أثناء نومك دون أن تدرك ذلك. في السطور القادمة، سنتعرف على الأسباب النفسية التي قد تكون وراء هذا البكاء أثناء النوم.
لماذا نبكي أثناء النوم؟
قد يكون البكاء أثناء النوم أمرا طبيعيا بالنسبة للأطفال، والسبب في هذا البكاء هو انتقالهم من النوم العميق إلى مرحلة نوم أقل عمقا، فالانتقال بين مراحل النوم المختلفة قد يكون أمرا مزعجا بالنسبة للأطفال الصغار، لأنه يُشعرهم بتغيير في حالتهم لا يفهمونه ولا يستطيعون تجاهله. لكن، مع نمو الأطفال وتطورهم، يقلّ بكاؤهم أثناء النوم.
أما بالنسبة للبالغين، فقد يكون البكاء أثناء النوم أمرا غريبا، قد يدفعنا إلى الشفقة على أنفسنا أو القلق بشأن السبب وراء هذا الأمر. هناك العديد من الأسباب التي قد تقف وراء حدوث البكاء أثناء النوم، ومنها ما يلي:
-
الكوابيس وضغوط الحياة
الكوابيس هي أحلام تثير استجابة عاطفية قوية ومزعجة، قد تكون شديدة لدرجة تجعل الشخص يستيقظ من شدة الخوف. غالبًا ما ترتبط الكوابيس بمستوى الألم والتوتر الذي يعيشه الشخص في حياته اليومية. من الناحية النفسية، قد تكون الكوابيس وسيلة يستخدمها العقل للتعامل مع المواقف المؤلمة والمزعجة التي يواجهها الشخص طوال اليوم. إحدى وظائف النوم الأساسية هي دعم قدرة الدماغ على تكوين ذكريات عاطفية وتعديل ردود الأفعال العاطفية. يعمل الدماغ أثناء النوم على محاولة معالجة التوتر الكبير الذي يشعر به الشخص. نتيجة لذلك، يحتاج الجسم إلى التعامل مع المشاعر السلبية المكثفة التي قد تؤثر عليه، مما يؤدي إلى البكاء أثناء النوم.

-
القلق من المستقبل
قد تصبح الكوابيس أيضا وسيلة العقل للتعامل مع القلق الكبير الذي قد يشعر به الشخص بسبب ترقبه للتحديات القادمة في حياته. ويمكن أن يظهر القلق الذي يشعر به الشخص بوضوح على شكل بكاء أثناء النوم.
-
كبت المشاعر السلبية أثناء اليقظة
من الأسباب الأخرى للبكاء أثناء النوم هو شعور الشخص بحزن عميق لا يجد وسيلة للتعبير عنه أثناء اليقظة بسبب الانشغال بالمهام والمسؤوليات. فلا يهدأ الحزن مع محاولات كتمانه، بل يبحث عن وسيلة للتعبير عن نفسه فيظهر أثناء النوم. وعندما يحدث البكاء أثناء النوم، يتم إطلاق المشاعر المرتبطة بالحزن. كما يمكن أن يكون البكاء أثناء النوم ناتجًا عن الاكتئاب، الذي تشمل أعراضه، بالإضافة إلى التغيرات في عادات النوم والطعام، الرغبة في العزلة ونوبات البكاء غير المبررة.
-
التقدم في العمر
الخرف هو مجموعة من الأعراض الصحية المرتبطة بشكل أساسي بالتقدم في العمر والشيخوخة، تشمل هذه الأعراض تغيرات تطرأ على ذاكرة الشخص وقدرته على التفكير وقدراته الاجتماعية، يرتبط الخرف أيضا باضطرابات النوم. يوضح الباحثون أن الخرف قد يتسبب في اختلال القدرة على تنظيم دورات النوم والاستيقاظ، إثر تدهور منطقة ما تحت المهاد وجذع الدماغ. قد يواجه الأشخاص بسبب الخرف صعوبات خاصة في النوم، وسرعة انفعال أكبر في المساء، واستيقاظا متكررا أثناء الليل. هنا، بالنسبة لكبار السن، يمكن أن تُسبب التغيرات الجسدية وأعراض الخرف، البكاء أثناء دورات النوم.

-
بعض الاضطرابات الصحية
صحيح أن البالغين أقل عرضة للبكاء بسبب الألم. لكن، هناك بعض الاضطرابات الصحية والأمراض الشديدة التي قد تدفع الشخص البالغ للبكاء بسبب الألم، والتي منها: آلام الظهر المزمنة أو السرطان. هناك أيضًا بعض أمراض العيون، التي قد تتسبب في وجود دموع في العينين أثناء النوم، مثل التهاب الملتحمة أو الحساسية أو انسداد القناة الدمعية. صحيح أن هذه الحالة ليست بكاء عاطفيا، إلا أنها أحد الأسباب التي قد تجعل وسادتك مُبللة بالدموع، وعلاج هذه الحالات الصحية سيمنع إنتاج الدموع أثناء النوم.
علاج البكاء أثناء النوم
غالبًا، لا يكون البكاء أثناء النوم أمرًا مقلقًا أو مُعبرًا عن أزمة صحية كبيرة. بالنسبة لبعض الأشخاص، قد لا يكون البكاء أثناء النوم أمرًا سيئًا، من الأساس، لأنهم قد يجدون أن هذا الأمر هو وسيلة فعّالة تُمكنهم من التنفيس عن المشاعر السلبية التي لا يستطيعون التعبير عنها أثناء يقظتهم، أما بالنسبة للبعض الآخر فقد يكون البكاء أثناء النوم أمرًا مزعجًا يدفعهم للشفقة على أنفسهم والشعور بالمزيد من الحزن.. عليك أن تُحدد -أولًا- من أيّ الفريقين أنت، حتى تتمكن من التعامل مع الحالة بفعالية.
يتوقف تحديد العلاج المناسب للبكاء أثناء النوم، على تحديد سبب حدوث هذا الأمر، فإذا كان سبب البكاء هو أحد الاضطرابات الصحية السابق ذكرها، فقد يؤدي علاج هذا الاضطراب إلى إيقاف حدوث البكاء أثناء النوم.
إذا كان الحزن أو القلق أو الاكتئاب السبب وراء البكاء أثناء النوم، فعلاج المشكلات التي تُسبب لك هذه المشاعر أو التعرّف على تقنيات فعّالة للتعامل مع القلق والتوتر أو الحصول على العلاج المناسب للاكتئاب، هي أمور من شأنها أن تؤدي إلى إيقاف البكاء أثناء النوم. مشاركة مشاعرك، مع شخص مختص، طبيب أو أخصائي نفسي مؤهل، قد تساعدك على التعامل بفعالية مع مشاعرك وأفكارك السلبية بشكل أفضل. يُمكنك هنا الاستعانة بالعلاج السلوكي المعرفي (CBT) وهو نهج في العلاج يساعد الأشخاص على تعلم تغيير طرائق تفكيرهم بشأن موقف معين لتغيير الاستجابات العاطفية والسلوكية المتعلقة بهذا الموقف.
يجب الحصول على مساعدة متخصصة على نحو خاص، إذا كان البكاء أثناء النوم، يعطل نومك، ويحدث هذا إذا كنت تستيقظ من النوم بسبب البكاء ويصعب عليك العودة للنوم مرة أخرى، عدم الحصول على قسط كاف من النوم الجيد المريح قد يعيق قدرة الشخص على العمل وأداء مهامه ومسؤولياته اليومية، هنا، يكون من المهم استشارة طبيب أو أخصائيّ الصحة النفسية، الذي يمكنه اقتراح خيارات علاجية لتحسين جودة نومك.