تكثر الأنشطة الاجتماعية في رمضان وتفضل العائلات زيارة الأسواق الشعبية والأماكن التراثية لما فيها من حنين وأصالة، وفي العاصمة القطرية يعتبر سوق واقف المزار السياحي الأول بالدولة، ويبدو وكأنه مفارقة تاريخية تجمع بين الماضي والحاضر، لا سيما تناغمه مع خلفية أفق الدوحة العصري.
وفي السعودية، يوجد سوق المعيقلية الذي يحتوي على مجموعة رائعة من العطور والبخور، كما يضم محال متخصصة بالعباءات والثياب والملابس التقليدية.
ويبلغ عمر سوق مطرح في سلطنة عُمان نحو 200 عام وهو مصمم كمتاهة معقدة من الأزقة الضيقة المؤدية إلى المتاجر الصغيرة التي تبيع الخناجر التقليدية واللبان والتوابل والحلوى العمانية.
وفي إمارة دبي يعد السوق الكبير في ديرة من أبرز الأسواق القديمة، ويهدف إلى الحفاظ على أصالة العادات التقليدية، وفي رمضان يكون وجهة سياحية جذابة.
كما يحظى سوق الحميدية في العاصمة دمشق بشهرة واسعة عالميا، وله رونق مميز مع سقفه المعدني الذي يسمح لأشعة الشمس بالدخول إلى ممراته من خلال بعض الفتحات.
أما سوق البخارية الشعبي في الأردن فقد تأسس عام 1934 من قبل التجار الأوزباكستانيين، ويشتهر بأنه السوق الأول في المملكة، حيث تجد فيه أصناف البضائع التقليدية والتحف الشرقية والخيوط والمجوهرات التقليدية.
ويقع سوق الصفافير في بغداد على شارع الرشيد في باب الآغا بالقرب من الشورجة، وهو مجاور للنهر ويختص بصناعة وتجارة النحاسيات من الأواني والأباريق والكؤوس وأدوات المائدة والمصابيح المشغولة بالنحاس.
وفي باكستان -وتحديدا سوق راولبندي الشعبي الشهير- تجد طعاما وطقوسا رمضانية مليئة برمزيات اجتماعية وثقافية، ويشعر الباكستانيون ببركة رمضان ويستمتعون بالشهر الفضيل بالرغم من انهيار القدرة الشرائية.
من أين تُتابعنا؟ شاركنا في التعليقات pic.twitter.com/MVZOmMOA6r
— الجزيرة نت | ثقافة (@AJA_culture) March 10, 2025
الأكلات الشهيرة
كل دولة تتميز بمأكولاتها التي تميزها عن غيرها، ويعتبر رمضان فرصة طيبة للعودة لهذه الأطباق “طيب يا معروك.. طازة يا معروك.. أكل الملوك يا معروك” هكذا ينادي الباعة المتجولون على أقراص المعروك الشهية في الأسواق والشوارع السورية، ويرتبط هذا الصنف بشهر رمضان ارتباطا قويا حتى إن البعض يطلق عليه اسم “خبز رمضان”.
وتعد التبولة والفتوش من أجمل السلطات اللبنانية التي لا يمكنك تخيل المائدة الرمضانية دونها، وبالطبع أطباق الفتة والمقبلات اللبنانية المعروفة بتنوعها والتي تُعرف بأطباق المزات.
ولم تكن المائدة القطرية في شهر رمضان -بحسب روايات الأجداد- تتضمن أطباقا عديدة، بل كانت تكتفي بطبقين بارزين أو ثلاثة (الثريد والهريس والبلاليط) تصمد طيلة شهر رمضان على المائدة القطرية.
وفي مكة المكرمة تعد الشوربة المصنوعة من الحب المجروش المضاف إلى مرق اللحم من الأطباق الرئيسية، وكذلك السمبوسة بأنواعها الإضافة إلى الفول والتميس والكعك (الشريك) مع سلطة الدقوس الحار.
وفي ليبيا تختلف الشربة أو “الشوربة” في تسميتها من منطقة لأخرى من الشربة الليبية والشربة العربية إلى شربة لسان العصفور كما يطلق عليها البعض، لكنها تعتبر من الأطباق الرئيسية في شهر رمضان المبارك.
ويتصدر “الطاجين” الأطباق الرمضانية بموريتانيا وهو خليط من اللحم والبطاطا والبصل والزيت، وهو الوجبة الرئيسية ويتم تناوله بعد صلاة التراويح، وبعدها يشربون الشاي أخضر.
عادات اجتماعية
تختلف العادات الاجتماعية برمضان من بيئة لأخرى، ويُعتبر “تبادل الطعام بين الجيران” واحدة من أهم العادات القطرية خلال شهر رمضان. وقديما كان السكان في الأحياء يتقاسمون الطعام سواء في شهر رمضان أو غيره، لكن هذه العادة تزداد مع الشهر الفضيل الذي يتميز بأكلاته الشعبية الخاصة.
وتعتبر “سيبانة رمضان” واحدة من أقدم عادات أهل بيروت في رمضان، حيث تخرج الجموع من أهالي المدينة إلى شاطئ بيروت لتناول أطيب الأطعمة والمشروبات في اليوم الأخير من شعبان قبل بدء الشهر الفضيل وانقطاع الصائمين عن تناول الطعام والشراب.
ومن بين التقاليد السورية ما يسمى “السكبة” ويعني تبادل الأطعمة بين الجيران قبل أذان المغرب، وما زالت أغلب الأسر هناك تحرص على هذا التقليد، حتى لو قلّت كميات السكبة أو استُبدلت في بعض الأحيان بأطعمة بسيطة وأقل تكلفة.
ومن الطقوس التراثية تجتمع العائلة على برامج تلفزيونية أو مسلسلات هادفة، ويعد تقديم الشاي بالكشكوشة من العادات الطرابلسية، وهي طبقة الرغوة التي تعلو كوب الشاي، وفي رمضان تعجّ المقاهي بالناس ليلا، حيث يستمعون إلى المالوف الليبي وهو نوع من الموشحات.
ومن أبرز السمات الاجتماعية التي تتميز بها التقاليد البحرينية المجالس الرمضانية حيث تزيد اللقاءات الاجتماعية خلال هذا الشهر الكريم، كما يكثر الناس من قراءة القرآن الكريم، وقديما كان يأتي أحد شيوخ الدين (الدراريس) فيعل حلقات دراسية لتلاوة كتاب الله العزيز وشرح تفاسيره.
ويجتمع الكويتيون قرب مكان المدفع منذ العصر، وعند حلول موعد الإفطار وإطلاقه فإن المجتمعين هناك يهللون معا، كما يستعد المواطنون لهذا الشهر عبر شراء الأواني المنزلية الفاخرة والمتنوعة، لاستخدامها في العزائم الرمضانية.
التجمعات العائلية
الغبقة (العشاء الرمضاني المتأخر) عادة يحرص عليها أهل الخليج، تعد الغبقة واحدة من أشكال الاجتماع على موائد الكلام والطعام في رمضان، وانطلقت أول الأمر في قطر والكويت والبحرين ومدن شرق السعودية، والغبقة في لهجة أهل الخليج هي الوجبة التي تسبق السحور وعادة ما تكون وليمة تؤكل عند منتصف الليل، وهي في الأصل كلمة عربية جاءت من “الغبوق” وهو حليب الناقة الذي يشرب ليلا.
وكانت “الغبقة” موائد بسيطة في معظم البيوت الخليجية، باعتبارها واحدة من العادات الاجتماعية الأثيرة التي تُميز الأمسيات الرمضانية لدى المجتمع الخليجي، وما زالت تحتفظ بعبق ماضيها وحيويتها حتى اليوم، وعادة ما تتضمن السفرة مجموعة من المأكولات المحلية البسيطة والوجبات المالحة والحلويات التقليدية.
وتعتبر وجبة “المحَمَر” سيدة الغبقة الرمضانية التي لا يزال الخليجيون يحافظون عليها والتي تتكون من سمك الصافي المقلي والأرز المطبوخ بالسكر أو بالدبس (خلاصة التمر) ويعود ذلك إلى ارتباط هذه الوجبة بالمناطق الساحلية في منطقة الخليج العربي، وهي وجبة الغواصين في البحر، أما في المناطق الداخلية فيستبدل السمك باللحم.
ولا تقتصر إقامة الغبقات في البيوت على العائلات والأقارب، بل انتقلت إقامتها إلى الفنادق والخيام الرمضانية والمؤسسات الخيرية، إلى جانب إقامة بعض الألعاب الشعبية والمسابقات وإحياء بعض الأغاني الشعبية، وتحرص الفنادق على إقامة الخيام الرمضانية التقليدية التي تصمم خصيصاً لشهر رمضان بطابع تراثي.

الحلويات الأساسية
من أشهر أطباق الحلوى الرمضانية في الجزائر الزلابية وقلب اللوز والبقلاوة والشاربات، بالإضافة إلى المقروط وموس الجوزية والقريوش والغريبة، وتعتبر هذه المكونات أكثر ما يزين مائدة الإفطار لدى الجزائريين في هذا الشهر الفضيل.
وتصنع معظم الحلويات المميزة في موريتانيا من الفاكهة الطازجة والخضار، كما تشكل الفاكهة أساس صنع العديد من الحلويات المخبوزة كالموز المقلي وتارتل الموز والغاتياو، وتحضر أفضل وأشهر الحلويات الموريتانية أيضا من مزيج الزبادي والبرتقال مع القرفة والزعفران. وهناك حلوى مشهورة تسمى بلاين دي بابايا تصنع من الأناناس والآيس كريم وقرص العسل.
ويتميز السودان بإعداد وتحضير أنواع من الحلوى الشعبية والتقليدية التي تكون عادة مزيجا من المنتجات المحلية، وتلقى رواجا كبيرا بين السكان، وتشتهر البلاد بأنواع من الحلوى، منها: سمرونا والأرز باللبن والبسبوسة السودانية وحلاوة المولدز.
وتشتهر الأسر في جيبوتي بتحضير حلوى رمضانية تقليدية منها الكعك الحلو المحلي وحلوى اللوز، وحلوى أخرى تشبه الجيلي، و”مُخبزة” التي تعد أشهر الحلوى في البلاد ويتم تناولها في رمضان.
وتشتهر الصومال بتراثها وثقافتها التقليدية، وفيما يخص المطبخ المحلى تنشغل الأسر في رمضان بتحضير وإعداد أطباق مختلفة من الحلوى لتقديمها للعائلة بعد صوم يوم شاق، ومن أشهر هذه الحلويات: السينابون والبسبوسة والبانكيك واللقيمات وخلية النحل والأوريو البارد.
ومن أهم الحلويات التي أخذها الأبناء عن الآباء في اليمن: الهريس والجرد والمطاط والوهطي والصوري والعرائسي والخلطة الحمراء والبيضاء والملطوم والألواح والمسمسم والشبح والحلي والمكفوف واللفة وحلاوة اللوز والفستق والجلجل والزبيب، لكن أكثر الحلويات الشعبية التي تلقى رواجاً: الشبح والنارجيل واللبن والهريس والخلطة والديش.
وهناك حلويات لبنانية عديدة يشتهر بها المطبخ اللبناني منها حلوى المغلي والبرازق والبقلاوة والمفروكة والنمورة والكعك والسفوف والمعمول، وكذلك الآيس كريم اللبناني بنكهته الشرقية، وقمر الدين.
وتتميز دولة جزر القمر بتحضير الحلويات المحلية التقليدية التي عادة ما تتكون من خليط من الفواكه والمشروبات العشبية، ومنها: كيكة الأرز أو ما يعرف محلياً بـ”القودوقودو” وتصنع من الأرز والسكر فقط، والبسكويت والكيك المحلي.
المشروبات الساخنة
ما هو المشروب الساخن المفضل بعد الإفطار؟ تندرج المشروبات العشبية تحت بند السوائل التي ينصح المختصون الصائمين بالإكثار منها خلال ساعات الإفطار، وتحل في المرتبة الثانية بعد تناول الماء وتضم قائمة كبيرة من الأصناف المهمة ومن أبرزها:
شاي بمختلف الأعشاب سواء شاي البابونج أو شاي الينسون أو شاي النعناع أو شاي بالزنجبيل أو الشاي الأخضر، فجميعها محبذ تناولها خلال الشهر الكريم، لما للأعشاب المضافة للشاي من فوائد عديدة.
ويعتبر الليمون الساخن من أكثر المشروبات الصحية سواء لمرضى نزلات البرد أو لمرضى السمنة، إذ إن الماء الساخن مع الليمون لهما مفعول قوي في حرق الدهون، كما يعمل على تنظيف المعدة ويطهر الجسم لكونه مضادا للأكسدة.
وتصنع القرفة بالعسل كمادة مضادة للأكسدة، وتحسن الهضم وتساعد في حرق الدهون، لذا ينصح بتناول هذا المشروب بعد الإفطار.
ويعد الزنجبيل الدافئ من ضمن أفضل المشروبات العشبية خصوصا على السحور، لكونه يساعد على الشعور بالشبع لفترات أطول خلال نهار رمضان، فضلا عن تحسين الهضم والحفاظ على رطوبة الجسم.
كما أن اليانسون من المشروبات العشبية المفيدة لتسهيل عملية الهضم وتعزيزها ومعالجة عسر الهضم، فضلا عن علاج حرقة المعدة والتخفيف من أعراضها.
ويعمل مشروب النعناع الدافئ في رمضان على فتح الشهية وتعزيز عملية الهضم وتهدئة المعدة وتقلصاتها وتقليل آلام القولون العصبي.
“القرنقعوه”
يعد “القرنقعوه” من مظاهر الاحتفاء بليلة منتصف رمضان في الخليج، وهي عادة متوارثة من أجل تشجيع الأطفال وحثهم على الاستمرار في الصيام حتى نهاية الشهر الفضيل، كما أنها مكافأة لهم على صومهم.
ويساهم الاحتفال بليلة القرنقعوه في توطيد العلاقات الاجتماعية بين الأطفال والجيران، كما تمنح الأطفال ثقة في أنفسهم وبناء شخصيتهم.
مظاهر الاحتفال بالقرنقعوه:
اللباس التقليدي: تلعب ملابس قرنقعوه الأطفال دورا مهما وأساسيا في إحياء هذه المناسبة، حيث يتزين الأطفال بالثياب المطرزة والحلي التقليدية التي تعكس طابع تراثهم، كما تختلف طبيعة اللباس والتصميم من دولة لأخرى.
الحلويات الشعبية: يعد توزيع الحلويات على الأطفال من أهم العادات التي يجب أن تتم في هذه الفعاليات وتشمل الحلويات الشهيرة في الخليج.
تجول الأطفال بين البيوت: يقوم الأطفال بعمل جولات لمنازل الحي طالبين منهم الحلوى والهدايا.
الترفيه: تشمل عرض فعاليات متنوعة مثل العروض الفلكلورية والأنشطة الحرفية والفنية الى جانب عرض الأعمال اليدوية التقليدية والفنون المحلية الشعبية مما يجعل الأجواء أكثر مرحا.
التمور وأنواعها
تزين التمور الموائد الرمضانية بشكل يومي وتوجد أنواع كثيرة للتمور، ومن أبرزها:
العجوة: يتميز هذا النوع بطعمه السكري، ويوجد منه نوعان (الطري والصلب) ويفيد في الوقاية من السم.
الخضري: يعد أحد أشهر التمور وأكثرها طلبا نظرا لسعره المعقول وطعمه اللذيذ، ويتميز بطعمه السكري وقشرته المجعدة.
المجهول: يعد أحد أهم أنواع التمر الموجودة حول العالم، طعمه لذيذ بشكل يشبه طعم الكراميل، ويترك طعمه أثرا يبقى طويلا في الفم.
السكري: ويدل هذا الاسم على محتواه فهو تمر بطعم السكري ويمتاز بهشاشة ملمسه.
الزهيدي: طعمه أشبه بطعم الجوز، وله قشرة سميكة مع لون مائل للذهبي، مما يميز هذا النوع من التمور من ناحية صحية احتوائه على نسبة عالية من الألياف.
الكلامي: يكثر هذا النوع من التمر في الجزائر، ويعتبر أحد أهم الأطباق على سفرة رمضان، وهو يُساعد في التخلص من الإسهال وذلك لأنه غني بالبوتاسيوم.
المبروم: يعد من أكثر أنواع التمور جودة فهو مصدر غني بالمعادن ومضادات الأكسدة.
الصفاوي: تتم زراعته في المدينة المنورة، ويعد من أجود التمور لاحتوائه على العديد من الفيتامينات والمعادن.
عنبرة: يعد هذا التمر من أغلى أنواع التمور، ويتميز بثمرة كبيرة ونواة صغيرة، وهو مصدر غني بالبروتين.
ثوري: ذو أصل جزائري، ويعد من أنواع التمر الجافة، ويُطلق عليه تمر الخبز لإمكانية استبدال خبز الإفطار بمثل هذا النوع من التمر.