نوك– مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مطلع هذا العام والجدل الذي أثاره بإعلان نيته شراء غرينلاند “بطريقة أو بأخرى” صارت هذه الجزيرة القطبية الشمالية نقطة محورية في اهتمام العالم لموقعها الجيوسياسي الإستراتيجي ومواردها الطبيعية الهائلة، فضلًا عن التحديات الدبلوماسية والقانونية المرتبطة بأي استحواذ محتمل.
وفي رحلة دامت 10 أيام في عاصمتها نوك، رصدت الجزيرة نت عن قرب كلفة المعيشة في هذه الجزيرة الأكبر في العالم التي يبلغ عدد سكانها حوالي 56 ألف نسمة، يتركز معظمهم في المناطق الساحلية الجنوبية الغربية.
أسعار مرتفعة
تعتبر غرينلاند أغلى نسبيا من معظم دول أوروبا المعروفة بارتفاع أسعارها، وهذه مؤشرات على مستويات المعيشة في هذه الجزيرة:
- يصل متوسط سعر غرفة فندق، لا تتجاوز مساحتها 10 أمتار، 170 دولارًا لليلة الواحدة، لذا ينبغي أن تخطط لإنفاق ما لا يقل عن 1000 دولار إذا كنت ترغب في الإقامة أسبوعًا.
- عادة ما تبلغ كلفة رحلة أسبوع واحد إلى غرينلاند حوالي 2100 دولار (14 ألفا و700 كرونة دانماركية) للشخص الواحد، شاملة الإقامة والطعام والمواصلات المحلية ومشاهدة المعالم السياحية، حسب الميزانية المتوفرة وأسلوب السفر.
- يصل الإيجار الشهري لشقة بغرفة نوم واحدة في العاصمة نوك إلى ما بين 1300 و2000 دولار، وقد يختلف حسب الموقع والمدينة.
- تبلغ متوسط كلفة الطعام في نوك نحو 120 دولارا (820 كرونة دانماركية) في اليوم للشخص الواحد، بناء على عادات الإنفاق والمطاعم. ففي مطعم اقتصادي بالعاصمة، يدفع الزائر حوالي 25 دولارا على الأقل لوجبة مكونة من طبق رئيسي ومشروب.

غياب الزراعة
تغطي غرينلاند طبقة جليدية تغطي حوالي 80% منها، وتصنف كثاني أكبر كتلة جليدية في العالم بعد أنتاركتيكا، كما يتراوح مناخ الجزيرة بين القطبي الشمالي في الشمال وشبه القطبي في الجنوب.
وتؤدي العوامل المناخية الصعبة والمضايق والجبال والأنهار الجليدية إلى انعدام الزراعة بالجزيرة، وهو ما يعني ضرورة استيراد جميع أنواع الفواكه والخضراوات من الخارج، كما أن جميع الأراضي في غرينلاند مملوكة للدولة، ولا حق في ملكية خاصة بها.
وثمة تقارب واضح بين منتجات الدانمارك وغرينلاند حتى أن أسماء المتاجر وهندستها الداخلية متشابهة إلى حد كبير، وفق ما ظهر في جولة الجزيرة نت.
أما الفواكه والخضراوات، فيتم استيرادها من كل أنحاء العالم، بما في ذلك الهند وبعض الدول الأفريقية. وعلى سبيل المثال، يبلغ سعر كيلو ونصف الكيلو من البطاطس حوالي 7 دولارات، والكيلو الواحد من التفاح 3 دولارات على الأقل.
جدير بالذكر أن ارتفاع درجات الحرارة في السنوات الأخيرة سمح بتحسين إنتاج بعض المحاصيل وزيادة القدرة على إنتاج العشب كأعلاف للماشية، مما ساهم في إدخال الماشية كنوع من الثروة الحيوانية المنتجة للحوم، إلا أن ذلك يواجه في معظم الأحيان بالجفاف والتقلبات الجوية الشديدة.
الصيد
تعتمد غرينلاند على قطاع السياحة الناشئ والصيد البري وصيد الأسماك الذي يشكل العمود الفقري للاقتصاد. ولا تزال ممارسات الصيد التقليدية، بما في ذلك الحيتان والفقمات، مستمرة داخل المجتمعات المحلية.
ووفقا لبيانات هيئة إحصاءات غرينلاند، بلغت صادرات الأسماك السنوية عام 2023 حوالي 5.3 مليارات كرونة دانماركية (806 ملايين دولار) أي ما يعادل 23% من الناتج المحلي الإجمالي للجزيرة.
وفي المقابل، بلغ الإنفاق الحكومي 9.6 مليارات كرونة دانماركية (1.46 مليار دولار) أي ما يعادل 42% من الناتج المحلي الإجمالي. ولهذا السبب، لا تزال غرينلاند بحاجة إلى التمويل من خلال المنحة السنوية من الحكومة الدانماركية، والتي بلغت حوالي 20% من الناتج المحلي الإجمالي لهذه الجزيرة.
ويعمل أكثر من 4300 شخص بشكل مباشر في صناعة صيد الأسماك أو الصناعات والتجارة المرتبطة بها، ويمثل ذلك حوالي 15% من إجمالي العمالة في البلاد.