يبدو أن مؤشر الدولار الأمريكي يتحرك على مسار تسجيل أسوأ أداء له خلال أول 100 يوم من الرئاسة الأمريكية منذ عهد الرئيس الأمريكي الراحل ريتشارد نيكسون، وذلك بناء على البيانات التي تعود إلى تلك الفترة عندما تخلت الولايات المتحدة الأميركية عن معيار الذهب وانتقلت إلى التعويم الحر لسعر الصرف.
خسر مؤشر الدولار الأمريكي نحو 9% بين 20 يناير الماضي -عندما عاد دونالد ترمب إلى البيت الأبيض- و25 أبريل الحالي، ما يضعه على مسار تحقيق أكبر خسارة حتى نهاية الشهر منذ 1973 على الأقل. كانت أول 100 يوم من رئاسة الرؤساء في العقود الأخيرة قد تميزت بقوة العملة الأمريكية، إذ كان متوسط العوائد يقارب 0.9% بين عامي 1973، عندما بدأ ريتشارد نيكسون ولايته الثانية، و2021، عندما تولى الرئيس السابق جو بايدن منصبه.
نهاية نظام بريتون وودز
كانت الإجراءات التي اتخذها نيكسون في عام 1971 والمعروفة بصدمة نيكسون، تهدف إلى أن تكون تدبيراً مؤقتاً، لكنها أدت إلى انخفاض قيمة الدولار الأمريكي، ما أنهى فعلياً نظام بريتون وودز لأسعار الصرف الثابتة الذي تم تأسيسه بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.
خلال المراحل الأولى من رئاسته الثانية، نفذ دونالد ترمب العديد من وعود حملته الانتخابية، إذ فرض رسوماً جمركية جديدة وزاد من لهجته المتشددة ضد الصين والشركاء التجاريين الآخرين للولايات المتحدة. أدت سياسته الخاصة بالرسوم الجمركية إلى إقبال المستثمرين على الأصول خارج الولايات المتحدة، ما أضعف الدولار الأمريكي ورفع من قيمة العملات الأخرى جنباً إلى جنب مع الذهب. زادت قيمة اليورو والفرنك السويسري والين الياباني بأكثر من 8% لكل من هذه العملات مقابل الدولار الأمريكي منذ عودة ترمب إلى الرئاسة.
وقال بيبان راي، المدير العام في “بي إم أو غلوبال أست مانجمنت” (BMO Global Asset Management): “ذيوع استخدام الدولار الأمريكي ودوره في التجارة والتمويل الدوليين كان قائماً على ثقة عميقة في المؤسسات الأميركية، مع وجود حواجز تجارية ورأسمالية منخفضة إلى جانب سياسة خارجية يمكن التنبؤ بها. حالياً؟ هناك إشارات واضحة على تآكل هذه الثقة ما يشير إلى تغيير في اتجاهات توزيع الأصول العالمية التي لا تصب في صالح الدولار الأميركي. نحن نشعر أن هذا تحول هيكلي”.
مخاوف الركود الاقتصادي
كما أن مبادرات ترمب على صعيد السياسات زادت من خطر حدوث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة مع عودة التضخم للتسارع، ما يحد من نطاق خفض أسعار الفائدة المحتمل من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
وضعت تعليقات ترمب حول رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي جيروم باول -وخاصة تهديده بإقالته – المستثمرين في حالة تأهب، ما فاقم من المخاوف بشأن استقلالية البنك المركزي الأمريكي. وصرح ترمب لاحقاً بأنه لا ينوي إقالة باول.
نتيجة لذلك، خفض بنك “يو بي إس غروب” توقعاته للدولار الأمريكي للمرة الثانية خلال أقل من شهرين. وذكر المحللون أن أداء الدولار الأمريكي يعتمد على نتيجة الصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، الذي لم يشهد تقدماً كبيراً في الأسابيع الأخيرة.
هبوط الدولار الأمريكي
هذا الأسبوع، حذر “دويتشه بنك” من اتجاه هبوطي هيكلي للدولار الأميركي في السنوات المقبلة، ما قد يدفع العملة الأميركية إلى أدنى مستوياتها أمام اليورو خلال أكثر من عقد.
يراهن المضاربون، بما في ذلك صناديق التحوط ومديرو الأصول، ضد الدولار الأميركي. تُعد هذه المجموعة الأكثر بيعاً على المكشوف للدولار منذ أكتوبر 2024، مع رهانات هبوطية على العملة الأميركية تبلغ قيمتها حوالي 10 مليارات دولار خلال الأسبوع المنتهي في 15 أبريل الحالي، وفق بيانات صادرة عن لجنة تداول السلع المستقبلية.