دراسة سعودية تكشف دوافع المتابعة وأدوار الإعلام المركبة
“النقاش والمعلومات أولًا”.. هكذا يختار السعوديون متابعة وسائل التواصل
وسط أجواء علمية مميزة، ناقشت الباحثة الدكتورة رانيا القرعاوي أطروحتها لنيل درجة الدكتوراه من كلية الإعلام بجامعة القاهرة، والتي تناولت دور وسائل الإعلام التقليدية والرقمية في معالجة الأزمات، مع دراسة حالة لجائحة كوفيد-19. وجاءت الدراسة لتسليط الضوء على الأسباب التي تدفع الأفراد في المملكة العربية السعودية إلى متابعة وسائل التواصل الاجتماعي خلال الأزمات، كاشفة عن أدوار مركبة وغير تقليدية تقوم بها تلك الوسائل في مثل هذه الظروف.
أسباب المتابعة.. بين النقاش والمساعدة الذاتية
أظهرت الدراسة أن النقاش بالمعلومات مع المعارف والأصدقاء كان السبب الرئيسي الذي يدفع الأفراد لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي وقت الأزمات. وجاء البحث عن ملاءمة الأسعار في المرتبة الثانية، بينما احتلت المساعدة في إدارة الذات المرتبة الثالثة، حيث اعتمد المشاركون على المنصات الرقمية لتوفير نصائح عملية تمكنهم من مواجهة التحديات. كما برزت الخدمات المناسبة والتخلص من العزلة والقلق في المرتبتين الرابعة والخامسة على التوالي.
أما ملء وقت الفراغ، فقد جاء في المرتبة الأخيرة، مما يعكس أهمية تلك الوسائل كأداة فاعلة في الأزمات، تتجاوز كونها مجرد وسيلة ترفيهية. وأكدت الباحثة أن هذه النتائج تعكس تحول وسائل التواصل الاجتماعي إلى منصات تجمع بين توفير المعلومات وبناء الروابط الاجتماعية وتعزيز الدعم النفسي.
أدوار الإعلام في الأزمات.. أكثر من مجرد نقل الأخبار
تطرقت الدراسة إلى الأدوار المتعددة التي تؤديها وسائل الإعلام التقليدية والرقمية خلال الأزمات، حيث أكدت الباحثة أن تلك الأدوار تتجاوز إنتاج الأخبار إلى مجالات إنسانية ودعائية، بالإضافة إلى دورها الحيوي في مكافحة الشائعات والأخبار المضللة. وأوضحت أن الإعلام أصبح جبهة أولى في إدارة الأزمات من خلال تقديم محتوى يعزز الثقة ويقلل من التوتر العام.
لجنة المناقشة والتكريم
جرت مناقشة الرسالة في 2 يناير 2025 أمام لجنة علمية ضمت أ.د. سماح محمدي، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام بجامعة القاهرة (رئيسًا ومناقشًا)، ود. سارة المغربي، أستاذ الصحافة المساعد بكلية الإعلام بجامعة القاهرة (مشرفًا)، ود.فاطمة الزهراء عبد الفتاح، أستاذ مساعد بكلية الإعلام بجامعة الأهرام الكندية (مناقشًا)، وأثنت اللجنة على الدراسة، ووصفتها بأنها إضافة نوعية تسهم في فهم كيفية تفاعل وسائل الإعلام مع الجمهور وقت الأزمات، لتُمنح الباحثة تقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى.
مسيرة علمية ومهنية مميزة
لم يكن هذا التميز الأول في مسيرة الدكتورة رانيا القرعاوي. فقد حصلت على درجة الماجستير من كلية الإعلام بجامعة القاهرة، بتقدير امتياز، عن رسالة تناولت دور وسائل الإعلام في التوعية بقضايا الطاقة المتجددة. كما تحمل في رصيدها خبرة عملية لافتة، حيث عملت في صحيفة “الاقتصادية” لمدة ثماني سنوات، قبل أن تنتقل للعمل في أقسام الإعلام بعدد من الجهات الحكومية، منها المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، ومركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية.
الدراسة في سياق أوسع
وتشكل هذه الدراسة خطوة هامة في مجال فهم تأثير الإعلام الرقمي على الجمهور خلال الأزمات، خصوصًا في ظل التغيرات التي فرضتها جائحة كوفيد-19 على العالم. كما تسلط الضوء على كيفية استخدام الأفراد لتلك الوسائل كأدوات للتكيف، مما يفتح المجال أمام دراسات مستقبلية لتحليل أدوار الإعلام في سياقات مشابهة، و يعكس هذا العمل العلمي رؤية الباحثة العميقة لدور الإعلام في الحياة اليومية، خصوصًا خلال الأوقات الحرجة، مما يجعلها واحدة من أبرز الأسماء السعودية الصاعدة في المجال الإعلامي.