شهد القطاع الرياضي في السعودية، قفزة نوعية كبيرة خلال الفترة الأخيرة, ما انعكس بشكل كبير على الرياضة النسائية، التي تحولت جذريا في ظل رؤية 2030، وأصبحت جزءا أساسيا من مساعي الدولة نحو تمكين المرأة وتعزيز جودة الحياة.
بدأت المرأة السعودية في المجال الرياضي مشوارها نحو تحقيق الريادة في المجال دون توقف، وأصبحت تنافس بطلات العالم وتسعى لنيل مراكز عليا رياضية، بل حققت انتصارات وطنية متتالية، لتخبر العالم قصة جديدة من الإلهام تحققت بفضل طموح امرأة عاشت لتحقق حلمها، في ظل رؤية فتحت آفاقا شاسعة في كثير من المجالات بما فيها الرياضة للجنسين، إذ كان للرياضة النسائية نصيب من دعم واهتمام القيادة، التي ذللت جميع الصعاب، وهيأت لها الإمكانات، ومهدت لها التحديات، بمتابعة من الأمير عبدالعزيز بن تركي وزير الرياضة، الذي حرص على تحقيق أهداف الرؤية في المجال الرياضي، فلم يذخر جهدا ولا وقتا إلا وسخره لخدمة القطاع ودعم الجنسين.
بوصفه جزءا من التزام المملكة بتمكين المرأة وتعزيز دورها في جميع مجالات الحياة بما في ذلك الرياضة جزءًا من أهداف رؤية 2030، اتخذت العديد من القرارات والخطوات لتحقيق الأهداف المنشودة، تمثلت في تهيئة البنية التحتية, كإنشاء مرافق رياضية مخصصة للنساء، بما في ذلك الصالات والملاعب، وتوسيع نطاق المرافق العامة مثل الحدائق ومسارات المشي والجري، مما شجع على ممارسة النشاط البدني بين النساء, وتم في الجانب التدريبي إطلاق برامج رياضية متنوعة تستهدف النساء، مع التركيز على تطوير الكوادر النسائية من خلال التدريب والتأهيل، مما أسهم في رفع كفاءة المدربات والمسؤولات الرياضيات، وهو ما أدى إلى المشاركة في المنافسات المحلية والدولية, ثم تحقيق الإنجازات باسم المملكة في مختلف المحافل.
الرياضة النسائية في المملكة كحال أي نشاط جديد، اقتصرت قبل 2010 على ممارسات رياضية محدودة جدا من خلال أنشطة غير رسمية في المدارس والأندية الخاصة، وفي 2012 شهدت المملكة أول مشاركة نسائية رسمية في أولمبياد لندن بمشاركة وجدان سراج في لعبة الجودو، وسارة العطار في ألعاب القوى.
من ضمن الخطوات التي دعمت الرياضة النسائية وتحديدا 2019، الذي شهد إقرار تأسيس أندية رياضية خاصة للسيدات، ليشهد هذا العام تحولا كبيرا في المشاركات الخارجية من خلال وجود فرق نسائية في بطولات إقليمية وعالمية، ليكون القرار متوافقا مع مستهدفات رؤية 2030، الساعية إلى رفع معدل ممارسة الرياضة في المجتمع السعودي وتحديدا المرأة، التي وفقا لأحدث الإحصائيات ارتفعت نسبة مشاركتها في الرياضة 150% منذ إطلاق الرؤية، وبلغ عدد الرياضيات المسجلات في مختلف الألعاب 330 ألف فتاة، إضافة إلى زيادة عدد المدربات والمرشدات الرياضيات والحكام، ووصلت أعداد اللاعبات المشاركات في دوري المدارس إلى 70 ألف لاعبة، و37 فريقا وطنيا للسيدات، و97 مدربة، وهو الانعكاس الطبيعي لإنشاء الفرق النسائية في عدة رياضات مثل: القدم والسلة والمبارزة والتايكوندو، وغيرها ما أسهم في زيادة المشاركة النسائية في مختلف الألعاب الرياضية محليا ودوليا، ومن أمثلتها المنتخب الأول للسيدات في كرة القدم 2021.
الاتحاد السعودي للرياضة للجميع، أسهم بشكل كبير في دعم هذا الجانب، بإطلاق دوري كرة القدم للسيدات على المستوى المجتمعي، لتعزيز مشاركة المرأة في الرياضة، ودعم إنجازاتها، ونظم الاتحاد السعودي لكرة القدم الدوري الممتاز للسيدات وهي البطولة الرسمية الأعلى مستوى لكرة القدم النسائية، لتبدأ معه الفرق النسائية، حقبة جديدة انطلقت بتنظيم الموسم الأول في أكتوبر 2022 بمشاركة 8 فرق، وفي العام نفسه لعب المنتخب النسائي السعودي أول مباراة دولية له، وفاز فيها على سيشيل 2-0.
تواصل دعم القيادة ممثلا في وزارة الرياضة، للجانب الرياضي النسائي وتعزيزه، وكان من أهم خطواتها الاهتمام بالتنشئة الرياضية منذ الصغر، فتعاونت مع وزارة التعليم لإدخال التربية البدنية للفتيات في المدارس الحكومية والخاصة، الأمر الذي دفع باهتمام الفتيات وأسرهم لممارسة الرياضة، وأصبحت أسلوب حياة في كثير من الأسر التي زاد وعيها بأهمية الرياضة النسائية، ومنذ تلك اللحظة توالت الإنجازات وحققت الميداليات وكان النصر حليف المرأة السعودية في المجال الرياضي، حتى إن المملكة في 2023 استضافت بطولات نسائية دولية في الملاكمة والجودو والغولف والشطرنج وغيرها من الرياضات التي تربعت سيدات الوطن على عرشها، بل كان للرياضيات السعوديات نصيب جيد من الميداليات في بطولات إقليمية في ألعاب القوى، التايكوندو، والكاراتيه وغيرها.
كما كان لبصمة التطور والتمكين الذي دعمته رؤية 2030 للمرأة في المجال الرياضي أثر كبير, إذ أصبحت الأسرة السعودية أسرة رياضية، في ظل بروز مشاريع رياضية تهدف لبناء مجتمع صحي لجميع أفراد الأسرة بدءا من نصف المجتمع وهي المرأة, وانتهاءً بالمجتمع كله وهو الرجل والطفل وكبار السن وغيرهم، إذ سجلت نوادي الحي المنتشرة في الأحياء بمناطق المملكة، مشاركة الكثير من السيدات سعيًا منهن لممارسة الرياضة بانتظام، وكان أثر ذلك واضحا وجليا على صحتهن ولياقتهن.
من أبرز الأسماء النسائية التي لمعت في سماء الرياضة ممن حققن جوائز في المسابقات العالمية وميداليات دولية مشرفة، لاعبة التنس يارا الحقباني المتوجة بذهبية التنس في بطولة دورة الألعاب السعودية مرتين، وكأس الاتحاد الدولي للتنس للناشئات، ولاعبة التايكوندو دنيا أبو طالب التي نالت جوائز عديدة أبرزها ذهبية العرب 2020 و 2024، وهي أول سعودية تحصل على برونزية آسيا في كوريا 2022، وبرونزية بطولة العالم في المكسيك 2022، وأفضل لاعبة سعودية عام 2022، إضافة إلى تصنيفها الـ 4 عالميا لوزن 53 كجم، وتتويجها كأفضل لاعبة عربية 2022.
لم تخل أسماء الساحة الرياضية من البطلات السعوديات، ومنهن سارة عطار العداءة التي شاركت في أولمبياد لندن 2012 وأولمبياد ريو دي جانيرو 2016، وكذلك دانية عقيل في سباقات السيارات، ولبنى العمير والحسناء الحماد في المبارزة، وهتان السيف التي تعد أول سعودية في الفنون القتالية، والفارسة دلما ملحس، ولاعبة الجودو وجدان سراج.
لم تتوقف المرأة السعودية عن تحقيق الإنجازات في جميع الرياضات الجماعية منها أو الفردية لتبرز البطلة يارا العمري صاحبة أول ميدالية آسيوية في تاريخ الملاكمة السعودية النسائية والحاصلة في عامين فقط على 10 ميداليّات “8 ذهبيات وبرونزيتان”، إضافة إلى ريما الجفالي التي تُعد من أوائل السعوديات الحاصلات على رخصة قيادة لسباقات السيارات، وتوجت بالعديد من المراكز في العديد من السباقات الدولية التي شاركت بها.
أوضحت مساعد وزير الرياضة لشؤون الرياضة بوزارة الرياضة أضواء العريفي في مؤتمر الاستثمار الرياضي المنعقد مؤخرا بالرياض, أن النوادي النسائية تخطت حاجز الـ 400 ناد بينما كان للمرأة نصيب في البرامج التي خصصها ما يزيد عن ألف ناد رياضي.
وأكدت المدير العام لمعهد إعداد القادة الدكتورة مزنة المرزوقي في ذات المؤتمر، أهمية استثمار القطاع الخاص في مجال الرياضة النسائية بوصفه مجالا جديد النشأة بكر الاستثمار وخصب البيئة، موضحة أن القطاع الرياضي يعمل على تنظيم السياسات الرياضية لضمان مشاركة شاملة، وتمكين المرأة في مجالات الإدارة والقيادة الرياضية، وأن الهدف هو توفير وظائف مستدامة، وفرص حقيقية للنمو داخل بيئة شاملة وداعمة، وتجاوز التحديات التي تواجه مشاركة المرأة في الرياضة.